Sunday, July 12, 2015

التعليم والتنمية المستدامة - ملاحظات عن المنتدي السياسي رفيع المستوى للتنمية المستدامة


كانت تجربة المشاركة بجلسات المنتدى السياسي الرفيع المستوى للتنمية المستدامة [1]، حيث العالم على وشك الدخول في إلتزام طوعي من أجل الحفاظ على الحياة والمساواة للجميع والتنمية المستدامة بنهاية عام ٢٠١٥، تجربة فريدة أظن أن أثرها سيبقى طول العمر.

و لكن على الرغم من مجد اللحظات التاريخية ومثالية الأهداف االسبعة العشر المقترحة والتي إن تحققت لخلقت "مدينة فاضلة" تسع جميع البشر ، يجب أن أقول أنني لدي إنطباعا بأن أهداف االتنمية المستدامة المقترحة ، كانت تحتاج إلى أن تكون أكثر ترابطاً وإرتباطاً. وبأنها لا تصل تلقائياً إلى أصحاب المصلحة المشتركة / أصحاب الحقوق. ربما يرجع ذلك - من ناحية ، للطبيعة واللغة الخاصة بوثائق الأمم المتحدة (وكذا العمليات). ولذلك فمن أذكى المداخلات على الإطلاق (والذي قدمته المجموعة الرئيسية للمرأة) أن حقوق المرأة من أجل المساواة يجب أن تتغلغل جميع الأهداف، بالإضافة إلى التأكيد عليها بصفة مستقلة في الهدف 5. في الواقع - و بنظرة أشمل - هكذا كانت تحتاج جميع الأهداف أيضاً ، أن تتغلغل وترتبط بوضوح بجميع الأهداف الأخرى وتتصل بشكل جوهري بالهياكل االمجتمعية (والمفاهيم) القائمة . فالحياة ظاهرة معقدة و عديدة الأبعاد ، وهكذا يجب أن تكون الحلول التي نقدمها للحفاظ على تلك الحياة.

 فيما يتعلق بالتعليم والإتصالات

فيما يتعلق بالهدف 4 - وهذا هو "ضمان شامل وعادل لتعليم ذي جودة " - حيث لا يمكن فصله عن أي من باقي الأهداف الستة عشر.


لابد مع التأكيد على أهمية ضمان "تقدير التنوع الثقافي" (4.7) ، أن تعطى الأولوية لضمان و تعزيز حقوق الإنسان الخاصة بالفتيات والنساء، في حال وجود تضارب بين هذا وذاك. فكم من من العنف ضد المرأة - بما في ذلك ختان الإناث المروع ، ينشاء ويتوطد من خلال التمسك بموروثات ثقافية مريضة ربما كانت تناسب عصوراً فائتة قد عفا عليها الزمن. هالة التقديس التي نضعها حول الموروثات الثقافية بمختلف أشكالها وأنواعها ، متى تسقط إن لم يكن الآن؟ متى نتخطى تعدد الثقافات إلى وحدانية الايمان العميق بحق جميع البشر - بغض النظر عن اللون والجنس والمعتقد - في الحياة الكريمة والنجاح والأمن والسعادة. إن الموروثات الثقافية إن لم تتطور لتتماشى مع ظروف العصر أصابت المجتمعات بقصور النمو والشلل الحضاري. فلنأخذ إذاً بأسباب التقدم والنمو والتحضر فنتمسك بالجوانب االإيجابية ونترك الجوانب السلبية التي لم يعد لها مكان أو مبرر منطقي مع إتساع الآفاق الإنسانية والحضارية. التعليم ذو الجودة يجب أن يعزز، قبل كل شيء، قيم العدالة ويؤكد على منهجية الحفاظ على الحقوق الإنسانية حتى فوق تعدد وإختلاف الثقافات


أخشى ما أخشاه هنا هو أن العلوم الإجتماعية كانت شبه غائبة في تقرير التنمية المستدامة العالمية لعام 2015 وأنه قد تم تجاهل ضرورة مواءمة الأهداف بين الجهات المعنية ، بالتبعية. فأهداف التنمية المستدامة بشكلها الحالي لابد وأن تتضارب ليس فقط مع الهياكل الإقتصادية الحالية، ولكن أيضا العديد من المفاهيم التي توجه منظومات حياتنا. كيف سيتم معالجة ذلك فيما يتعلق بنطاق التواصل والتعليم ؟ إن الخضوع لديناميات السوق الحرة، ومنهج النيوليبرالية (الذي يسود العالم حالياً)، قد ينقل السلطة الفعلية (السطوة) من يد الساسة لرجال الأعمال، وهؤلاء يعملون غالباً تبعاً لمفهوم مشوه عن نظرية البقاء للأصلح. ليس للكونهم أشراراً، بل لأن هذا هو ما بدا الأفضل والأصح على مدى عقود. هل سبق لك أن سمعت ليبرالياً يجادل بأن العمل على تحقيق المساواة بين البشر هو سعي"غير أخلاقي"؟ وسواء صحت وجهة النظر تلك أو لم تصح ، كيف خلا تقرير التنمية المستدامة العالمية لعام 2015 من أي جدل في هذا الشأن أو حتى مجرد ذكر؟ هل لأن العلوم الاجتماعية ليست علماً بما فيه الكفاية؟

 يبدو التعليم في تقرير التنمية المستدامة العالمية ٢٠١٥ وكأنه مازال يدور حول التنمية فقط وليس التنمية المستدامة. إذ يتطرق للمهارات فقط دون الأخلاقيات. ترى ما هي المهارات التي يحتاج أطفالنا تعلمها لوقف العنف ضد المرأة أو لتبني قيم المساواة والتسامح أو تقدير الإختلاف و التنوع الحضاري؟ لفظة "أخلاقيات" ذاتها لم لم ترد بشكل ذو معزى في أي من أجزاء التقرير.
دون توصيل الأخلاقيات الناشئة وراء أهداف التنمية المستدامة (إذ هي التي تربط - في الوقع - الأهداف بعضها ببعض) لجميع أصحاب المصلحة، قد يبقى تحقيق أهداف التنمية المستدامة بعيد المنال

 وينطبق ذات االوضع عند التعامل مع الهدف العاشر

أثناء العمل على "الحد من عدم المساواة داخل البلدان وفيما بينها" سيكون من المفيد أن نعترف بحقيقة أن كثيرا من الفقر اليوم ليس نتيجة لنقص حقيقي في الموارد ، وإنما يرتبط ببنيات ثقافية وإقتصادية وسياسية (راسخة) تسيطر على منظوماتنا الحياتية. من المهم لأغراض التعليم والإتصالات أن يعطى تعريفا قاطعاً وواضحاً لحقبة جديدة من التضامن والتكافل الدولي من أجل الحفاظ على الحياة وبقاء جنسنا البشري، وذلك لتقديم المشورة جميع أصحاب المصلحة لنوعية التحول الحادث ،  للتأكيد على الأولويات في حال تعارضه مع أي من النظم القائمة أو المفاهيم،

ويجدر التوضيح ، بأن معالجة هذه الثغرات المعرفية، ليس كله بالضرورة هو دور المنتدي السياسي الرفيع للتنمية المستدامة ، ولكنه يتطلب -على الأقل، اعترافاً بالمعضلة ودعماً إضافياً للمنظمات التعليمية التي تعمل على تعزيز وتوصيل أهداف التنمية المستدامة ، مع التركيز على تعزيز البحث العلمي الشمولي متعدد التخصصات ، وكذلك النشر في ذلك النطاق.

No comments:

Post a Comment