Friday, January 21, 2011

التعليم في مصر لا يزال ينتظر الثورة (1)



بقلم جيهان سامي سليمان : مستشار تعليم دولي


نسمع كل يوم عن مبادرات لتطوير التعليم ومقترحات لا نهاية لها ولا أحد يمس جوهر القضية، فالتعليم في مصر يحتاج أن نتوقف عن دفن رؤوسنا في الرمال وأن ننقب عن الأسباب الحقيقة التي أفسدت التعليم لسنوات طويلة، التعليم في مصر لازال يحتاج إلى ثورة!


مشكلة التعليم في مصر انه لا يحتاج فقط لتربويين بل للساسة أيضا ونادرا ما يجتمع العلم والتربية مع السياسة ولذلك فلم يتم طرح رؤية واضحة لإمكانية إصلاح التعليم في مصر وكل يغني على ليلاه . وكلما توفر لي أن اتحدث في قضية إصلاح التعليم في مصر في محفل سياسي اقابل بالصمت اولا ثم بابتسامة على ركن الفم ثم صمت آخر وتغيير لمجرى الحديث وذلك انني دائما أتحدث عن 




أولوية إصلاح التعليم الدولي في مصر!! فالمتعلمين بالمدارس الدولية في مصر والمعلمين 

والإداريين معظمهم من المصريين وهو أمر صادم بلاشك إلا انه واقعاً ، والقانون يمنع تشغيل ما يزيد عن 10% من مجموع العاملين بالمدرسة من الأجانب ، فبينما يتحدث الجميع عن تكدس الفصول وعدم كفاية عدد المدارس أو ضعف الإمكانات يتناسون قطاعا هاما من التعليم "المصري " تتوافرمن خلاله جميع إمكانات التعليم الجيد الا انها تكاد تهدر جميعها ليصبح المنتج النهائي تعليم غير جيد .


مشكلة التعليم في مصر كأي مشكلة أخرى في مصر تتلخص في إنعدام الرؤية المتكاملة وضعف القيادات

فلدينا نوعان من التعليم

التعليم القومي : وهو الذي يستخدم المناهج القومية المفروضة من وزارة التربية والتعليم سواء تسمى بالتعليم العام أو الخاص وهو الذي يعاني في شقه العام (المسمى بالمجاني) من ضعف الإمكانات وتكدس الفصول وضعف أداء المعلم أو بالإضافة إلى جميع ذلك (وهنا يشترك التعليم الخاص معه في ذلك) حشو المناهج وعدم التعامل بوعي مع قضية جودة التعليم.

وكنا قد توسمنا خيرا حينما تأسست هيئة مصرية للإعتماد وجودة التعليم "مستقلة" عن وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي منذ سنوات قلائل، إلا أن الهيئة جندت "المتطوعين" الذين جيء بهم من ذات النظام المعيب وتم "إنزالهم "للمدارس قبل إكتمال تدريبهم ثم بعدما عملوا عاما كاملا وأوصوا بإعتماد أو عدم إعتماد المدارس تم إستدعاؤهم للإمتحان !!! ولا أدري معنى أن يمتحن الشخص بعد أن تخرج وانخرط في سلك العمل؟؟ ناهيك عن وجود معيار كامل للمنهج ( المعيار الثامن)ومدة ملائمته لبيئة التعلم وحاجة المتعلمين مع أن المنهج لا تضعه المدرسة بل هو منهج قومي تفرضه وزارة التربية والتعليم وإنما يدلنا ذلك عن أن تلك المعايير قد ترجمت بلا وعي من المعايير الأمريكية والتي تختار فيها المدارس كل منهجها الخاص بحسب رؤيتها ورسالتها وتبعا لمعايير التعلم الدولية التي تختارها!! ولا أنسى الجدل الذي دار بيني وبين الزملاء المراجعين في أحدى المدارس أثناء زيارتنا لها عما إن كانت تلك المدرسة تستوفي معيار"المشاركة المجتمعية" وكانت المدرسة تستضيف عشرة من الأيتام كل عام وتقوم بتعليمهم مجانا ورعايتهم رعاية شاملة ومع ذلك فقد اصر الزملاء على ان هذه ليست المشاركة المجتمعية التي "قالوا لهم عنها في التدريب "!! وكادوا يحرمون المدرسة من تلك النقاط بإصرار عجيب!!و يتحول الامر مرة أخرى الى "تستيف" ملفات الإعتماد و نحن أبرع أهل الأرض في ذلك!

إما النوع الثاني من التعليم في مصر ويفترض انه التعليم "الجيد" الذي يناله الصفوة ، وأتمنى الا تثير هذه الكلمة حفيظة القاريء حتى تظهر أمامه الصورة كاملة ، فهو التعليم الدولي. فإن كنا نشكو من ضعف الإمكانات وننسب لها جميع خطايا التعليم فما بالنا حينما تتوفر الإمكانات لا نزال نحصل على منتج رديء!


أقولها على مسئوليتي الخاصة كمتخصصة في جودة التعليم الدولي و القومي أيضا، أنه حتى مدارس القمة لا تنتج لنا ما يجب أن تنتجه "مواطنا صالحا متعلما تعليما جيدا" والمسألة محسومة بالمنطق إذ أن جميع تلك المدارس تستخدم المناهج الأجنبية والكتب الأجنبية في تدريسها لمعايير التعلم الدولية ولأنه لا يوجد حلقة وصل في تدريب المعلمين في تلك المدارس للموازنة بين متطلبات التعليم الوطني ومتطلبات التعليم الأجنبي إللهم إلا بإقحام مادتي الدراسات الإجتماعية والتربية القومية ( اللتان تدرسان باللغة العربية وبطرق التدريس العقيمة التي لا يعرف معلمو تلك المواد غيرها، مما يجعل تلك المواد جحيما بالنسبة لطلبة المدارس الدولية فلا هم يفهمونها ولا يكترثون بها وهم بالكاد ينجحون فيها)بدلا من تكميل المنهج الدولي للدراسات الإجتماعية و العلوم بما يتناسب مع احتياجات المتعلم كمواطن مصري و كوني والغاء مالا يتناسب منه مع قيمنا.

No comments:

Post a Comment