Friday, February 8, 2013

الحفاظ على صحة الأطفال بين الإفراط والتفريط


يبدو أن الساسة قد أصابهم هوس المحافظة على صحة الأطفال في أرجاء المسكونة من شرقها لغربها فبينما هاجت الدينا وماجت إزاء خروج رئيس الوزراء هشام قنديل "عن النص" وحديث السياسة والإقتصاد فجأة في أحد اجتماعاته العامة ليتحدث عن موضوع مبتكر وهو وجوب تنظيف الأم لصدرها قبل إرضاع طفلها تجنبا لإصابة الطفل بالإسهال قامت حكومة استراليا بسن قانونا جديدا مبتكرا أثار غضب الكثيرين في المجتمع الأسترالي الا وهو منع الأطفال من النفخ في تورتة عيد الميلاد تجنبا لنشر الجراثيم !!! بالإضافة لذلك تم حظر اللعب في صندوق الرمال وباقي الألعاب الا بغسل اليدين قبلها وبعدها كما تم إلغاء تصريح الأطباء الإستثنائي بعودة الطفل للدراسة في حالة تحسن حالته مع الإصرار على تجاوز فترة الحجز الصحي المقررة قانونا .ولا يستطيع أحد المجادلة في وجوب الإعتناء بصحة الأطفال حيث ان الطفل هو ثروة أي أمة وهو مستقبلها إلا أن معظم الآباء يرى أن الإفراط في ذلك مبالغة غير مبررة و قد تؤدي لنتيجة عكسية ، فالطفل يحتاج أولا لبعض التعامل مع الجراثيم من أجل تقوية جهازه المناعي و ثانيا يحتاج إلى الاستمتاع بالحياة ، وهو ما احتج به أولياء الأمور باستراليا .
و في نظري أن الحرص مطلوب جدا و لكن في الواقع يوجد مفارقة مخيفة ما بين حرص البعض و تفريط الآخر لا يجب أن تعامل صحة البشر وحاجاتهم لطعام وشراب صحي ونظيف وحياة صحية على أنها احتياجات محلية و حقوق يحصل عليها البعض بإفراط بينما آخرون محرومون منها بأبسط صورها.فبحسب تقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" مثلا أن نقص الماء النظيف والصحي يسبب المرض للملايين من الأطفال في العالم النامي ويجبر كثيرا من الإناث على التوقف عن الذهاب إلى المدرسة.كما أن الأمراض المنقولة بواسطة المياه الملوثة تؤدي إلى موت أكثر من 1.6 مليون طفل كل عام. ;كما أن 2.2 بليون من البشر يعانون من الفقر الشديد. أكثر من 80 % من سكان العالم يعيشون في دول تتسع فيها الفجوة بين الدخول و أفقر 40% من البشر في العالم يحصلون 5% من مجمل الدخل العالمي و أغنى 20 % من البشر في العالم يحصلون ثلاثة أرباع الدخل العالمي.ووفقا لليونيسف يموت  22000 طفلا كل يوم بسبب الفقر.ومعظمهم يموتون في هدوء في بعض من أفقر القرى على وجه الأرض، في غفلة من ضمير العالم وحوالي 27-28٪ من جميع الأطفال في البلدان النامية يعانون من نقص الوزن بسبب سوء التغذية أو التلوث وبالذات في جنوب آسيا جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا.و من المفارقات العجيبة أن واحد في المائة مما ينفق في العالم كل عام على الأسلحة يكفي لإدخال كل طفل في المدرسة من عام 2000 وحتى الآن مع العلم بأن الحرمان من التعليم و خاصة تعليم الفتيات مسئول عن كثير من كوارث العالم الصحية و البيئية .وإن علمنا مثلا أن أكثر من 660 مليون شخص يعيشون بدون صرف صحي على أقل من 2 دولار في اليوم، وأكثر من 385 مليون دولار على أقل من 1 دولار في اليوم نخلص إلى أن غياب العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية وأهمها التكافؤ والعدالة على مستوى العالم يتسبب أخطر بكثير و أشد تأثيرا من جراثيم النفخ في تورتة عيد الميلاد أو بعض الإهمال في النظافة والأولى أن تنظر للمشاكل الصحية ووفيات الأطفال أو حياتهم بشكل غير آدمي نظرة شاملة كلية عادلة حتى لا نفقد ما تبقى من متعة الحياة خوفا من الوهم بينما نتغاضى عن الواقع الضخم المخيف الذي يواجه العالم اليوم و يهدده بالفناء نتيجة انعدام العادلة الاجتماعية و البيئية وعدم الاهتمام بالبعد الإجتماعي و البيئي للقوانين و التشريعات. 



No comments:

Post a Comment

Constructive feedback is welcome. Contributions are welcome. Thank you for visiting this blog.