تحليل قصة الشهر : شادية الشقية
ارتكبت المعلمة في قصة شادية ثلاثة أخطاء رئيسية رغم حسن نواياهاأولا: بدأت اليوم بأفكار سلبية عن كيفية مواجهة الطفلة شادية في الفصل تدل عليها كلمة " المفعوصة " التي وصفتها بها في عقلها بالإضافة إلى روح التحدي الذي ظنت انه سيعالج لها المشكلة و يبقى الطفلة " الشقية" تحت السيطرة.
وكان عليها أن تستثمر الوقت الذي قضته في التفكر بتلك الافكار السلبية في الاعداد للقاء الاطفال في يوم دراسي جديد توفر لهم فيه بيئة مبهجة ومفيدة للتعلم وتجهز المواد المساعدة أي أن يكون فكرها مثلا " ستنبهر شادية وباقي الاطفال بما أعددته لهم اليوم من أجل تعلم الالوان أو حرف الباء " أو ماشابه ذلك حيث أن الطفل في هذه المرحلة (حتى عمر 8 سنوات تقريبا ) يتأثر بشدة ببيئة التعلم والمواد المستخدمة فيه والالوان والاشكال المحيطة سلبا وايجابا وبصورة جوهرية في عملية التعلم
وفي الواقع أن الطفل الذي يتم تصنيفه بالـ " المشاغب " قد يكون أكثر ذكاء وتميزا من الطفل الهادي حيث ثبت أن العضلات الكبيرة تنمو في تلك المرحلة بشكل أكبر من العضلات الصغيرة مما يجعل من أداء المهارات الحركية متعة بالنسبة للطفل وهي تعبر عن رغبته في الاستقلال وتشعره بسعادة غامرة وان تعاملنا مع تلك الحقيقة بشكل مناسب فيمكن تحويلها إلى وسيلة مساعدة على التعلم بدل من النفور منها و كبتها بوصفها "شقاوة " ومشاغبة ".
و المعلمة لا يمكن أن تنتظر خيرا من منهج كهذا في التعامل مع طفل " مشاغب" لأن للانسان مراحلا في النمو المعرفي لابد أن يمر بها فبياجيه وهو صاحب نظرية النمو المعرفي يرى أن الأطفال يفكرون بطريقة مختلفة تماما عن الكبار مما ينقلنا للخطأ الثاني في تصرف المعلمة
ثانيا: :ظنت المعلمة أنها معاقبة شادية بوقوفها بجانب السبورة سيفيد في السيطرة على "شقاوة "شادية بينما لم توضح لشادية العلاقة بين الوقوف بجانب السبورة كعقاب وبين ما قامت به شادية من تصرف إعتبرته المعلمة مسيئا فهي لم توضح لشادية قواعد الجلوس في الفصل من البداية وبأن الوقوف على "الديسك " مخالف لقواعد الفصل وبأن ذلك يسبب غضب المعلمة والفوضى في الفصل كما يعرض الطفلة للسقوط أو بأن ذلك ببساطة يعرضها للعقوبة مع توضيح الرابط ما بين العقوبة و الفعل الموجب لها بوضوح (إن فشلت كل محاولات الترغيب) وبشكل مقنع وهذا هو الحد الأدنى لحقوق الطفلة الصغيرة فهي لم تفهم سبب الغضب ولاسبب الوقوف بجانب السبورة. ثم تنساها المعلمة بعدما هدأ لها الفصل فيضيع بذلك مغزى محاولة التوجيه بصورة نهائية وهو ما يقودنا للخطأ الثالث والذي ارتكبته المعلمة وأم الطفلة أيضا
ثالثا: محاولة توجيه الطفلة بإستخدام " المجردات " فالطفل في هذا العمر وحتى الثامنة تقريبا يجد صعوبة بالغة في فهم المجردات بل أنه قد لا يستطيع فهمها حتى عمر أكبر. والمجرادات هي ما لا يمكن أن نراه بأعيننا . ربما نستطيع أن نرى ونشعر بنتائجه مثل الرياح التي تهز الشجر ونشعر بها على وجوهنا لكن لا يمكن أن نراها . الحب والكراهية ، الله والملائكة والشياطين ، الأفكار ، الشقاوة ، الطيبة والشر وغيرها من التعبيرات التي يجب تبسيطها أو تمثيلها للأطفال في صورة أفعال وصور محددة لتقريبها لهم فشادية لا تستطيع ان تفهم عبارة " أوعي تتشاقي " ولا تفهم ما علاقة ذلك " بزعل الميس" كما أنها لا تفهم صراخ المعلمة " مش قلنا نبطل شقاوة !!" ولا سر ذلك الغضب وعلاقته بالوقوف بجانب السبورة وبالتالي فقد تسللت لتهنأ بذراع زميلها حيث لا توجد قواعد معروفة لها للتصرف داخل الفصل((( وكأن عليها ))) أن تجرب بنفسها ما يغضب المعلمة وتفهمه وتتجنبه بتكرار التجربة كما أن عليها أن تقرر بعد ذلك أنها لا تريد إغضاب المعلمة وان تلك التجربة ليست إحدى المغامرات الجديدة التي تشعرها بالاستقلال والزهو على الكباروهذا ليس في وسع الطفل في هذه المرحلة بل يحتاج إلى توجيهات واضحة و لطيفة لما نتوقعه منهم مثل " لا تقف على "الديسك".. هذاخطأ . الوقوف يكون على الأرض . الجلوس على الكرسي . وهي توضيحات قد تبدو ساذجة الا انها ما يحتاجه الطفل تماما في هذه المرحلة التي تتشكل فيها مفاهيمه وادراكاته.
على المعلمة أن توفر دافعا واضحا ومحددا للطفلة من أجل ترغيبها في الممارسات السليمة والمفيدة في الفصل وتشجيعها على تجنب السلوك السلبي بصورة تفهمها الطفلة وتتجاوب معها وتشعرها بالفخر عند التجاوب معها فالمعلمة لم تأت للفصل لـ " تشرح الدرس" للأطفال بل لتنمية مهاراتهم ومعارفهم وثقتهم بذواتهم وقدارتهم على إدراك المفاهيم والمسئوليات والعلاقات الاجتماعية المختفلة بحيث يصبح التصرف في الفصل وخارجه بصورة لأئقة هدف تربوي في حد ذاته يخصص له الوقت والمجهود والادوات من قبل المعلمة فيشعر الطفل بالفخر بقدرته على التصرف "كمواطن صالح " في بيئة الصغيرة التي هي مصغر المجتمع من حوله.وهو ما يسمى بعلم إدارة الفصل .